مسيرة حافلة بالعطاء تلك التي قدمها السلطان قابوس بن سعيد الذي توفي أمس الجمعة، دامت نحو 50 سنة، نجح خلالها في وضع السلطنة الخليجية على مسار التحديث والنمو، وحماها من النزاعات الإقليمية التي لعب فيها دور الوسيط الموثوق.
نشأته
ولد السلطان قابوس في 18 نوفمبر سنة 1940 في صلالة في الجنوب؛ حيث تابع تعليمه المدرسي، إلى أن التحق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في بريطانيا وهو في العشرين من عمره.
تولى السلطان قابوس الحكم خلفًا لوالده في 23 يوليو عام 1970، وتقلد السلطان بحكم دستور البلاد أغلب المناصب في عُمان فقد كان رئيسًا للوزراء والقائد الأعلى للقوات المسلحة، كما احتفظ بحقيبة الدفاع والمالية ومنصب محافظ البنك المركزي.
رجل التنمية
اهتم السلطان قابوس منذ توليه الحكم في البلاد بتنفيذ مشاريع تنموية عديدة لرفع مستوى معيشة المواطن العماني، حيث ركز على إنشاء المدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق الضرورية.
وأنشأ أول دار للأوبرا في منطقة الخليج العربي، وتعرف اليوم بدار الأوبرا السلطانية العمانية في مسقط، بالإضافة إلى إنشاء موسوعة السلطان قابوس للأسماء العربية ودعم مشروعات تحفيظ القرآن الكريم؛ سواء في السلطنة أو عدد من الدول العربية، بالإضافة إلى جائزة السلطان قابوس لصون البيئة التي تقدم كل عامين من خلال منظمة اليونيسكو.
جوائزه
حصل السلطان قابوس على عدد من الجوائز أبرزها جائزة السلام الدولية، وجائزة جواهر لال نهرو للتفاهم الدولي، وقلادة ترتيب إيزابيلا الكاثوليكية، وفارس الصليب الأكبر من وسام القديس مايكل والقديس جورج.. وغيرها من الجوائز.
سياسته الخارجية
سياسيًا، كان السلطان قابوس بن سعيد من مؤسسي مجلس التعاون الخليجي عام 1981، كما أن عُمان احتفظت بعلاقات جيدة مع كل الدول العربية.
ولعبت عمان دورًا في الاتفاق النووي بين إيران والغرب الذي وقع عام 2015؛ حيث استضافت محادثات بين مسئولين أمريكيين وإيرانيين عام 2012 أدت إلى البدء بمفاوضات الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس دونالد ترامب لاحقًا.
اتسمت السياسة الخارجية ل سلطنة عمان التي رسخها السلطان قابوس بن سعيد بملامح الشخصية العُمانية القائمة على التسامح واعتماد الحوار والنأي بالنفس عن النزاعات.
ومع تولي السلطان قابوس الحكم عام 1970، كانت عُمان محدودة العلاقات مع العالم الخارجي، بما فيها الدول العربية المجاورة، لكن السلطان ما لبث أن مد جسور الصداقة، وفتح آفاق التعاون مع مختلف الدول وفق أسس من الاحترام المتبادل.
كما أسس السلطان الراحل منطلقات وأسس السياسة العمانية على قاعدة صلبة من العمل على تحقيق السلام والأمن والاستقرار، وقد أكدها بقوله إن السلطنة “دولة سلام” تسعى إليه وتعمل من أجل تحقيقه ولا تتردد في بذل كل ما يمكنها من أجل هذه الغاية النبيلة.
وحظيت الدبلوماسية العمانية بثقة وتقدير كبيرين، وكانت مسقط مقصدًا للعديد من قيادات المنطقة والعالم للتشاور وتبادل الرأي مع السلطان قابوس، واحتضنت جهودًا عدة معلنة وغير معلنة للعمل على تقريب المواقف وتجاوز الخلافات بين الأطراف المعنية بمشكلات عدة إقليمية وعربية ودولية.
إلى ذلك سجلت السياسة التي انتهجها السلطان قابوس الكثير من النجاحات، وتعتبر عمان عضوًا نشيطًا في المنظمات الدولية والإقليمية، لاسيما جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي.
مواقفه مع مصر
حرب أكتوبر
أصدر السلطان قابوس مرسومًا خلال حرب أكتوبر 1973، بالتبرع بربع رواتب الموظفين لدعم مصر، وإرسال بعثتين طبيتين عُمانيتين لمصر، كما جاء في تقرير الهيئة العامة للاستعلامات.
اتقافية كامب ديفيد
اتخذت بعض الدول العربية موقفًا معاديًا تجاه مصر؛ نتج عنه مقاطعة عربية شاملة، عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل.
لكن سلطنة عمان احتفظت بعلاقاتها مع مصر، ولم تأخذ أي موقف سلبي، عقب زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات للقدس عام 1977.
وقال السلطان قابوس بن سعيد ، في كلمة ألقاها في احتفالات العيد الوطني الـ14 للسلطنة عام 1984، “ثبت عبر مراحل التاريخ المعاصر أن مصر عنصر الأساس في بناء الكيان العربي، ولم تتوان يومًا في التضحية من أجل والدفاع عن قضايا العرب والإسلام”.
-الأهرام المصرية