
ما معنى «بلاط صاحبة الجلالة» سؤال أرسل لي من صديق مقرب منذ يومين ليعرف معني هذه الكلمة لانه وجدها كثيراً في العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية عقب وفاة الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ ياسر رزق رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم ورئيس تحرير جريدة الأخبار السابق، عليه رحمه الله واسكنه فسيح جناته.
ومن هنا تحدث معه علي أهمية «بلاط صاحبة الجلالة» قائلا : صاحبة الجلالة هي مهنة العمل في الصحافة لأنها تمثل السلطة الرابعة، وتم استخدام لقب صاحبة الجلالة، نظراً لانه لقب احترام يستعمل للملوك.
فلا أعلم حقيقة من هو أول شخص أطلق على الصحافة لقب «صاحبة الجلالة» ولكني أعتقد أنها تسمية قديمة عندما قدمت الصحافة نفسها تفاخر الصحفيين في كثير من دول العالم بكونهم يعملون في «بلاط صاحبة الجلالة» كناية عن مدى قوة وتأثير مهنتهم في الناس وفي الأحداث السياسية والاجتماعية، وهو ما نتج عنه تسمية الإعلام بـ«السلطة الرابعة» على يد الإنجليزي أدمونديورك “المتوفى عام 1797” بعد أن توجه إلى مقاعد الصحفيين في مجلس العموم البريطاني، قائلا «أنتم السلطة الرابعة».
ولكن عندما ينظر المجتمع إلى مقاعد الصحفيين، يجد «السلطة الرابعة»، وهناك من يعتقد أن هذه التسمية ترجع إلى المؤرخ البريطاني توماس ماكولاي، عندما قال: «إن المقصورة التي يجلس فيها الصحفيين أصبحت السلطة الرابعة في المملكة».
ووصفها البعض بـ«صاحبة الجلالة» بسبب مكانتها التي يتهيب منها المتنفذون ويتململ بسببها السياسيون ويتوارى منها خجلاً الفاسدون فيما يمنحها آخرون لقب “مهنة المتاعب” لأن العاملين بها يضحون بالغالي والرخيص ويبذلون النفس والنفيس في سبيل الحصول على الخبر.
وأطلق عليها اسم «السلطة الرابعة» نظرا لدورها في كشف الحقيقة فضلاً عن تشكيل الوعي وتوجيه الرأي، إنّها مهنة الصحافة والإعلام، التي تداعب أحلام وخيالات المغامرين في كل عصر ويفضل التقليديون تجنّبها والابتعاد عن مشاقها غلقا لأبواب التوتر والقلق والأرق وكما يقول الشاعر: ويفوز باللذات كل مغامِرٍ..ويموت بالحسرات كل جبان!.
ولكن يعاني العديد ممن يعملون في بلاط صاحبة الجلالة بالعديد من الأمراض التي تصيبهم في سن ما بين الثلاثين وحتي الخمسين من عمرهم نظرا للتعب الشديد الذي يتعرض له الصحفيين في عملهم بداية من الجلوس في المؤسسة الذي يعمل بها منذ الصباح الباكر لحضور اجتماع مجلس التحرير الصباحي، مستكملا يومه بين التغطيات المختلفة والنزول في قلب الحدث ومتابعة كافة الأحداث علي مدار الساعة، وعلي الرغم من كل هذا التعب والمعاناة يعشق الصحفيين مهنتهم الحبيبة ولن يتركوها الا عند الموت فسلاما لأجيال حفرت اسمها بحروف من نور في تاريخ بلاط صاحبة الجلالة.