
ذقنا جميعًا مرارة الفقد ووجيعة الفراق بإعلان السلطات المغربية وفاة الطفل “ريان” الذي مكث تحت الأرض أكثر من 4 أيام وسط محاولات إنقاذه، ولاقى الطفل اهتمامًا من كل دول العالم وقنوات التلفاز والمنصات الإخبارية ووكلات الأنباء، ولكن في حقيقة الأمر لم يهتم كل هؤلاء بالطفل ريان لذاته، بل لأنه أصبح التريند وعنوانًا مهمًا على محركات البحث، وغدًا سيظهر ريان جديد تشمله التغطية الإخبارية ضمن الأبرياء المقهورين بفعل فاعل.
“ريان” لم يمت أمس أو اليوم بالمغرب بل يموت كل يوم، ريان مات حينما قتل الاحتلال الإسرائيلي الشهيد الطفل محمد الدرة ولم يتحرك ساكن باستثناء بيانات وإدانات شفهية من بعض الدول ونسوا الأمر بعد ذلك وسط استشهاد آلاف الأطفال، مات ريان حينما قذفت الشواطئ الأطفال اللاجئين الهاربين من نيران الحرب في سوريا، ريان يموت كل يوم ونحن نرى أطفال دول أفريقية تفتك بهم مجاعات وأوبئة، يموت كل يوم ريان جديد وسط أطفال اليمن السعيد الذين شردتهم الحروب، ريان يموت كل يوم في مخيمات اللاجئين وسط ثلوج الشتاء القاسية.
تحولت صفحات السوشيال ميديا والمنصات الإعلامية لدفاتر عزاء، الكل يعلق ويواسي ويبدي أسفه وحزنه على رحيل الطفل ريان، وغدًا نخرج لأعمالنا ونرى الأطفال المشردين في إشارات المرور وأسفل الكباري وبين الباعة المتجولين في المترو والقطارات ولكننا ننسى، حتى مشاعرنا وإنسانيتنا أصبحت تتحرك بناء على توجهات السوشيال ميديا، من منا سأل نفسه أو بحث عن سبب تواجد الطفل ريان بجوار بئر في منطقة جبلية بمثل هذا الشكل؟ إنها الحاجة للعمل من أجل المال في بيئة تتزايد مصاعبها كما نرى، فمن منا تحرك من أجل إنقاذ من هم مثل ريان؟ فارق الطفل المغربي ريان الحياة ولكن ليس وحده بل ضمائرنا أيضًا على أمل أن تستيقظ في صدمة جديدة قد وصلت للتو بتداول نشاط مواقع التواصل الاجتماعي لمقطع فيديو لطفل سوري يدعى “فواز القطيفان” يقال إنه مخطوف بسوريا مقابل فدية وصلت 140 ألف دولار، وظهر في الفيديو وهو يتعرض للضرب على يد الخاطفين.
ختامًا، نحن بحاجة لوقفة ولكن ليست مثل الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات الشكلية، نحن بحاجة لوقفة من أنفسنا لنرى ماأصبحنا عليه وما وصلت إليه ضمائرنا، لعلنا نستيقظ من ثباتنا الذي طال.
بقلم: محمد أيمن سالم
